الحمد لله المنزل فى كتابه المحكم (فمن أمن وأصلح فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون) (1) والصلاة والسلام على رسوله المبعوث الى كافة الناس بشيرا ونذيرا المبلغ كلامه تعالى إلى من في الأرض جميعا وعلى اله الطاهرين المؤقنين بالأوامر والمجتنبين عن النواهى وعلى أصحابه الملتزمين بأحكم ربه تعالى والحابسين أنفسهم عن نواهيه – جل وعلا – وبعد فان عنوان البحث الإيمان ومستلزماته الشهيرة بحث مهم جدا فإليكم بعض المعلومات من الكتاب والسنة.
أولا: الإمان:
الإيمان: مصدر أمن يؤمن إيمانا فهو مؤمن والإيمان بمعنى التصديق وهو ضد الكفر وقد ورد فى كلامه العزيز قوله تعالى (وما أنت بمؤمن لنا) (2) أي بمصدق لنا وقال تعالى أيضا (قالت الأعراب امنا قل لم تؤمنوا ولكن قولا أسلمنا ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم إن تطيعوا الله ورسوله لايلتكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم) (3) قا أهل البادية: نحن مؤمنون قل لهم لم تصلوا إلى الإيمان ولمك قولوا: تظاهرنا بالإسلام ولما يمس الإيمان الصحيح أفئدتكم وان تلتزموا بأمر الله ونبيه بصدق لا ينقصكم من أجوركم ذرة. إن الله واسع المغفرة والرحمة (4)
وعلى هذا يكون الإسلام غير الإيمان ولاإسلام هو إظهار الخضوع والقبول لما جائبه النبى صلى الله عليه وسلم وبه يحفظ الدم فإن كان مع هذا الإظهار يوجد اعتقاد وتصديق بالقلب فذلك الإيمان الذين يقال الموصف به أنه مؤمن مسلم وهو المؤمن بالله ورسوله غير مرتاب وهو الذين يرى أن أداء الفرائض حتميى واجب عليه لامحالة وأن الجهاد بالنفس والمال واجب عليه أيضا ولايداخله في ذلك ريب وشك فهو المؤمن والمسلم حقا وفقامع قوله تعالى (إنما المؤمنون الذين أمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله أولئك هم الصادقون) (5) لا إيمان بصدق إلا لدى الذين صدقوا بالله ونبيه ثم لم يتراجعوا بل ثبتوا وبذلوا كل ما يملكون من أجل دين الله هولاء هم المؤمنون حقا. (6) يعنى أولئك الذين أمنوا حقيقة واتصفوا بما وصفهم به ربهم فهم الصادقون فى ايمانهم-
وأما من اظهر قبول الشريعة فقط وأسلم لدفع المكروه فهو فى الظاهر مسلم وفى الباطن ضده أي غير مصدق فذلك الذى يقول بلسانه أسلمت ولما يدخل الإيمان في قلبه لأن الإيمان لابد أن يكون صاحبه مصدقا لما يقوله ولذلك أخرج الله تبارك وتعالى أولئك الأعراب من زمرة المؤمنين فقال عنهم: (ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم) يعنى لم تصدقوا وإنما اسلمتم تعوذا من القتل.
وبالجانب الاخر إن المؤمن يبطن من التصديق مثل مايظهر أما المسلم الذي يظهر الإسلام نفاقا فهو غير مؤمن في الحقيقة ولا يبلغ درجة التقوى إلا إذا اتصف بهذه الصفات التي يبينها ربنا الرحمن فى بداية سورة البقرة: (الم ذلك الكتاب لاريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، ولاذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون) 7
اشتملت الأيات الكريمة الصفات التالية المتقين:
- الإيمان بالغيب
- إقامة الصلاة
- الإنفاق من الرزق
- الإيمان بالقران وبالكتب السماوية قبله
- الإيمان بالاخرة
وبشر الله – المولى الكريم- عز وجل- من يتصف بهذه الصفات هم على هدى من ربهم وأولئك هم المؤمنون- ثم أكد الله تبارك وتعالى بمفهوم أوسع من هم المتقون فى السورة ذاتها في اية جامعة وهي. (ليس البر أت تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من أمن بالله واليوم الأخر والملائكة والكتاب والنبين وأتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى المساكين وابن السبيل والسائلين وفى الرقاب وأقام الصلاة وأتى الزكاة والموفون بعدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم التقون (8)
قد عدد ربنا الرحمن – عز وجل – صفات المتقين بهذه الاية الكريمة الأمور العديدة وهى:
1. الإيمان بالله تعالى | 9. الصبر في البأساء والضراء وحين البأس |
2. الإيمان باليوم الأخر | 10. إيتاء المال على حبه |
3. الإيمان بالملائكة | أ) ذوى القربى |
4. الإيمان بالكتاب | ب) اليتامى |
5. الإيمان بالنبيين | ج) المساكين |
6. إقامة الصلاة | د) ابن السبيل |
7. إيتاء الزكاة | ه) وفى الرقاب |
8. الإيفاء بالعهود | و) السائلين |
وقد بين النبى صلى الله عليه وسلم حقيقة الإيمان والإسلام مجيبا من سأله عن الإيمان والإسلام حيث قال (الايمان) أن تؤمن بالله وملائكة وكتبه ولقاءه ورسله وتؤمن بالبعث وتؤمن بالقدر كله. أيضا جاء في الحديث: بنى الإسلام على خمس شهادة أن لا إله الله وان محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان. (10) إن هذه الأمور بمجموعها يمكن تلخيصها بما يليى:
- الإيمان بالله
- الإيمان بالملائكة
- الإيمان بالكتب السماوية
- الإيمان بالغيب وباليوم الأخر وبالبعث وباقدر خيره وشره
- الإيمان بالأنبياء والرسل دون تفريق بين أحد منهم.
* ثنيا: مستلزمات الإيمان عرفنا أن الإيمان كما سبق هو تصديق بالقلب وعمل بالجوارح كذلك لابد له من مستلزمات هي:
1. إقام الصلاة
2. إيتاء الزكاة
3. إيتاء المال على حبه ذوى القربى واليتامى والمساكيث وابن السبيل والسائلين وقي الرقاب.
4. الوفاء بالعهد
5. الصبر في البأساء والضراء وحين الباس
6. والسمع والطاعة وطلب المغفرة من الله الذي إليه المصير.
وهذه المستلزمات كلها عددها رب العلمين في الأية (177) من سورة البقرة التى سيق ذكرها كما أنه تبارك وتعالى ذكر بعضا منها في سورة المؤمنون وفى سورة الشورى وقد جعل الله تبارك وتعالى هذه الأمور صفات لاصقة بالمؤمنون قد أبلح المؤمنون- الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون – والذين هم للزكاة فاعلون- والذين هم لفروجهم حافظون- الا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين – فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون – والذين هم لأمناتهم وعدهم راعون- والذين هم على صلواتهم يحافظون – أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون (11) أعنى قد فاز المطيعون لله الذين هم في أدائهم للصلاة متذللون- والذين هم عما لافائدة منه مبتعدون – والذين لما يجب عليهم من صدقة مؤدون – والذين هم لعوراتهم صائنون عن الحرام –إلا من زوجاتهم أو مملوكا تهم من الجواري فإنهم غير مؤاخذين – فمن تعدى ما أحله الله له فوؤلاء هم المعتدون – والذين هم على مافرضه الله عليهم من الصلاة يواظبون – والذين هم ائتمنوا وعاهدوا يحافظون ولاينقضون – هؤلاء هم الفائزون – الذين يفوزون بأعلى الجنان هم فيها دائمون (12)
وضيف تبارك وتعالى في السورة ذاتها بعض الصفات التى يتحلى بها المؤمنون فيقول: إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون، والذين هم بايات ربهم يؤمنون – والذين هم بربهم لايشركون – والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة إنهم إلى ربهم راجعون – أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون (13) يعنى. إن الذين هم من عذاب خالقهم خائفون – والذين هم بدلائل ورسالات خالقهم يصدقون – والذين هم عابدون لخالقهم وحده. والذين يعطون ما أعطوا وأفئدتهم خائفة من أنهم إلى خالقهم صائرون – هولاء هم يسابقون في الطاعات وهم للفوز واصلون (14)
وقد أنزل الله تعالى في سورة الشورى ما يتمم هذه الصفات الكريمة التى يتخلق بها المؤمنون بيقول تبارك وتعالى: فما أوتيتم من شيئ فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى للذين أمنوا وعلى ربهم يتوكلون والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون – والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلوة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون (15) أي فما انعم به عليكم في الدنيا فنعيم زائل والذي لدى الله نعيم أدوم وأفضل للذين صدقوا وعلى خالقهم يعتمدون – والذين لا يقتربون من فعل عظائم الذنوب (كالقتل والزنى) وإذا ما أساء إليهم جاهل فهم يكتمون غيظهم – والذين فعلوا ما أمرهم به خالقهم – وأدوا الصلاة وأعمالهم تتم بعد مشاورة فيما بينهم ومما أعطينا هم يتصدقون – والذين إذ اوقع عليهم الظلم هم لا يقبلون به. (16)
هذه هي ابرز الصفات التي يتصف بها المؤمنون وهي صفات تحقق لهم إذا ما تخلقوا بها وحققوها في أنفسهم الفلاح الدائم وعدا من ربهم – فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون – اختتم مقالتي هذه بأية جامعة يدخل فيها الذكر والأنثى ويقترن الإيمان بالعمل الصالح (ألا وهى: من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون (17)
المراجع والمصادر
- القران الكريم – سورة الأنعام: الأية: 47
- القران الكريم- سورة يوسف: الأية: 17
- القران الكريم- سورة الحجرات: الأية: 14
- محمد موفق سليمة- تفسير البراعم المؤمنة – الجزء السادس والعشرون- ص: 517
- القران الكريم- سورة الحجرات: الاية: 15
- محمد موفق سليمة- تفسير البراعم المؤمنة –الجزء السادس والعشرون ص: 517
- القران الكريم- سورة البقرة: الاية: 1-3
- القران الكريم- سورة البقرة: الاية: 177
- مسلم: الصحيح: كتاب الإيمان، باب الإيمان مو هو وبيان خصاله ص: 29
- البخارى: الصحيح، كتاب الإيمان، باب قول النبى صلى الله عليه وسلم بنى الإسلام على خمس الخ ص: 6
- القران الكريم- سورة المؤمنون، الاية: 1-11
- محمد موفق سليمة، تفسير البراعم المؤمنة، الجزء الثامن عشر ص: 342
- القران الكريم- سورة المؤمنون: الأية: 57-61
- محمد موفق سليمة، تفسير البراعم المؤمنة، الجزء الثامن عشر ص: 46/345
- القران الكريم، سورة المؤمنون: الاية: 57-61
- محمد موفق سليمة، تفسير البراعم المؤمنة، الجزء الثامن عشر ص: 46/345
- القران الكريم، سورة الشورى: الأية: 36-39
- محمد موفق سليمة، تفسير البراعم المؤمنة، الجزء الثامن عشر ص: 487
- القران الكريم، سورة النحل: الاية: 97